مجلس سيبويه أدب أدب الكاتب-كتاب المعرفة باب مايضعه الناس غير موضعه

كتاب المعرفة

باب مايضعه الناس غير موضعه

من ذلك أَشْفَارُ الْعَيْنِ يذهب الناس إلى أنها الشعر النابت على حروف العين، وذلك غلط، إنما الأشفار حروف العين التي ينبت عليها الشعر، والشعر هو الهدب. وقال الفقهاء المتقدمون: في كل شفر من أشفار العين ربع الدية، يعنون في كل جفن، وشفر كل شيء حرفه، وكذلك شفيره، ومنه يقال: <<شَفِيرُ الوادي>> و << شُفر الرحم>>، فإن كان أحد من الفصحاء يسمي الشعر شفرا فإنما سماه بمنبته، والعرب تسمي الشيء باسم غيره إذا كان مجاورا له، أو كان منه بسبب،...

ومن ذلك <<حُمَةُ العقرب والزُّنبور>> يذهب الناس إلى أنها شوكة العقرب وشوكة الزنبور التي يلسعان بها؛ وذلك غلط ، إنما الحمة سمهما و ضَرهما، وكذلك هي من الحية. ومنه قول ابن سيرين <<يكره الترياق إذا كان فيه الحمة>> يعني السمَّ، وأراد لحوم الحيات لأنها سَمٌّ. ومنه قوله: <<لا رُقية إلا من نَمْلَةٍ أوحمة أو نفْس>> ، فالنملة قروح تخرج في الجَنْب، تقول المجوس: إن ولد الرجل إذا كان من أخته ثم خط على النملة شفي صاحبها، قال الشاعر:

ولاَ عيب فينا غير عرق لمعشر كرام، وأنا لا نخط على النمل

يريد: إنا لسنا بمجوس ننكح الأخوات. والنفس : العين، يقال: أصابت فلانا نفس. والنافس :العائن، والحمة لكل هامة ذات سم، فأما شوكة العقرب فهي الإبرة.